وعد الباحث والأكاديمي فارس حرام الأحكام القضائية في حق مشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي بـ"التعسفية"، مشيراً إلى أن "فيها تجاوزاً لمواد أساسية في الدستور وذلك باستخدام عبارات غامضة وردت في القوانين القديمة التي تعود إلى فترة حكم صدام حسين".
وخلال هذه الحملة، ظهرت العديد من المناشدات لشمول مقدمين برامج بها، وخاصة من قبل جماهير الأحزاب السياسية، فكل منهم هاجم الإعلامي حسب توجهه السياسي وطبيعة تعاطي الإعلامي مع الأحداث أو الحزب الذي يبعه هذا الجمهور.
وأشار البيان إلى أن الجهات الأمنية تواصل اعتقال عديد من "مشاهير" وسائل التواصل الاجتماعي، بتهمة "الإساءة إلى الذوق العام" ونشر "المحتوى الهابط"، لافتاً إلى أن "بعضهم لم تتضمن موادهم أية إساءة أو ضرر مادي للمصلحة العامة بدليل الإفراج عنهم لاحقاً".
تصاعد التوتر بين أوكرانيا وروسيا: حرب الطائرات بدون طيار تستعر
بدوره، يرى رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية، هادي جلو مرعي، أن "المزاج العام في العالم تغير، فما يراه البعض محتوى هابطاً عند آخرين خلاف ذلك، كما هو الحال مع العديد من القضايا الإنسانية الأخرى المختلف عليها".
بيان احتجاج على حملة ملاحقة "المحتوى الهابط": ماذا عن التحريض على القتل؟
وأعلنت وزارة الداخلية العراقية منتصف يناير/كانون الثاني تشكيل لجنة مختصة لمحاربة "المحتوى الهابط" الذي "يخالف الأخلاق والتقاليد" في مجتمع لا يزال محافظا إلى حد كبير.
ويشرح مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان مصطفى سعدون في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية أنه "لا يوجد قانون للمحتوى الهابط، ليس من حق الدولة أن تتدخل في هكذا أمر."
ظاهرة عالمية بات الأمر يشكل ظاهرة عالمية ولا تقتصر على العراق، حيث نلاحظ أن حسابات صنّاع هكذا محتويات يصل عدد متابعيها لمئات الآلاف، فيما تجد أن عالما حاصلا على جائزة نوبل لا يتعدى عدد متابعيه بضع مئات فقط.
لكن ما هي معايير المحتوى الهابط؟ ومن يضع هذه المعايير وكيف يتم تحديدها؟ . - حيدر الموسوي
من جهته، لفت العضو المستقل في البرلمان العراقي هادي السلامي، إلى أن "هناك مئات الدعاوى ضد سارقي المال العام، واللجان التحقيقية المعطلة التي لم تظهر نتائجها لحد الآن، بقضايا عراقية مصيرية وكبيرة، منها سقوط مدن كاملة بيد الجماعات الإرهابية، لكن القضاء العراقي يلاحق أصحاب المحتوى السطحي على المواقع، ويحاول أن يضيق الخناق على الصحافيين والإعلاميين، باستثناء الصحافيين المطبلين للسلطة الذين يخرقون كل القوانين في سبيل تثبيت الآراء الحزبية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "هناك مخاوف حقيقية من احتمال تضخم هذه الممارسات ضد الصحافيين والناشطين، وقد نشهد تطورا يوجه نحو المحللين السياسيين والساسة المستقلين، إضافة إلى مسؤولين غير مدعومين من الأحزاب".
كما حُظر بثّ برامج تلفزيونية مختلفة كان آخرها على قناة "وان نيوز"، بينما تعرّض مقر قناة "يو تيفي" وسط بغداد لهجوم بقنبلة تصفح يدوية، إثر نشر القناة حلقة تلفزيونية تعارض انتقائية السلطات في تطبيق القرارات.
ويجيب السوداني عن هذه الأسئلة بالقول إن “سبب انتشار المحتوى الهابط في العراق والتفاهة هو انكماش حالة الإبداع في المجتمع، وقلة تأثير المبدعين في مختلف المجالات، من ناحية أخرى يغيب عامل الضبط الاجتماعي، الذي يحدّد المسموح أو الممنوع عن الظهور إلى العلن، فإذا ما ضعفت عناصر الضبط الاجتماعي ظهرت في المجتمع ظواهر مختلفة من السلوكيات غير المنضبطة، إذ يمثل الضبط الاجتماعي مجموعة من القيم، تفرضها الأسرة عبر التنشئة، لتكوّن لاحقاً ثقافة الفرد”.
لكن لا ينبغي تعميم هذه الملاحقة بالمطلق ضد صنّاع مثل هذا المحتوى، ولكي لا يتحول لسابقة تؤسس ربما لاحقا للقمع والتخوين وتضييق مساحة الحريات، تحت ستار محاربة المحتوى الهابط والذي قد يتوسع حينها ليشمل حظر محتويات أخرى، لمجرد اختلافها مع توجهات سياسية وأيديولوجية معينة.